Aller au contenu principal

تحديات وآفاق الزراعات السقوية في ولاية جندوبة: بين نقص الموارد وأمل الاستدامة"

يجلس العم سالم تحت شجرة زيتون قديمة يتأمل الحقول الذابلة و الاعشاب الطفيلية التي انتشرت بشكل لم يره من قبل بحزن عميق يقول العم سالم "الأرض هاذي حياتي بلاش ماء و بالحشيش الطالع صعيب كان تجي صابة" 

لسنوات طويلة، كانت بساتين العم سالم تفيض بالخيرات، وتمنح الحياة للقرية بأكملها. لكن في السنوات الأخيرة، بدأ يواجه مشكلتين كبيرتين، نقص المياه وانتشار الأعشاب الطفيلية بسبب تغير أنماط الطقس، و نقص الأمطار ، مما أثر بشكل كبير على مستوى الإنتاج.

تعتبر الزراعة السقوية من الأعمدة الأساسية للاقتصاد في ولاية جندوبة،  حيث تسهم بشكل كبير في توفير الغذاء وتعزيز الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل.تمسح الاراضي السقوية بولاية جندوبة حوالي 39 ألف هك  وتضم 9 ألاف مستغلة فلاحية ألاف ولكن في السنوات الأخيرة، شهدت هذه الزراعة تراجعاً ملحوظاً نتيجة عدة عوامل بيئية واقتصادية وإدارية.

يعتبر التغير المناخي من أبرز العوامل التي أدت إلى تضرر الزراعات السقوية في جندوبة. فقد شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة تزايداً في درجات الحرارة، ونقصاً في كميات الأمطار، مما أثر سلباً على منسوب المياه الجوفية والسطحية. هذا النقص في المياه المتاحة للري تسبب في تقليص المساحات المزروعة وزيادة تكاليف الإنتاج.

يقول العم سالم انه شارك مؤخرا في الوقفة الاحتجاجية أمام مقر ولاية جندوبة مع فلاحي الجهة  معبرين عن  رفضهم لقطع مياه الري عن المناطق السقوية المخصصة خاصة لإنتاج الحبوب التي تضررت بفعل شح التساقطات. وطالب المحتجون السلطات المعنية بتمكينهم من حقهم في ريٌ ما زرعوا  بصفة مسترسلة لإنقاذ ما تبقى من الصابة.

تعاني جندوبة من ضعف في السياسات الزراعية والتخطيط الاستراتيجي. نقص الدعم الحكومي للمزارعين، سواء من حيث الإرشاد الزراعي أو توفير المواد الزراعية بأسعار معقولة، يجعل من الصعب على المزارعين الصمود أمام التحديات البيئية والاقتصادية.

Fichier audio

وقد اعتبر المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بجندوبة، عادل السكوحي، أن سبب توقّف تزويد عدد من المناطق السقوية في بعض الأيام القليلة المنقضية يرجع إلى التجاوزات المرتكبة من قبل عدد من الفلاحين، وتحويل وجه مياه الري التي خصصت للحبوب والعلف لفائدة القرعيات، ما ساهم في إفراغ الخزانات المخصّصة، فضلا على تلكؤ عدد هام من الذين تعلقت بذممهم ديون مياه في تسديد الأموال المطلوبة منهم، إضافة الى سوء تسيير المجامع المائية، وافتقار الفلاحين للمعدات الضامنة لعمليات الري، وعجز المجامع المائية عن القيام بما تعهدت به .

الأعشاب الطفيلية تنمو بسرعة وتتوسع بشكل كبير، مما يجعلها منافساً قوياً للمحاصيل الزراعية على الموارد الأساسية. في ظل الظروف البيئية القاسية مثل نقص المياه، تصبح هذه المنافسة أكثر شدة، حيث تستنزف الأعشاب الطفيلية كميات كبيرة من الماء والعناصر الغذائية من التربة، مما يترك المحاصيل الزراعية في حالة من العوز والجفاف.

حسب المهندس الفلاحي بالإدارة الجهوية للفلاحة بجندوبة  أحمد السالمي تؤدي الأعشاب الطفيلية  إلى تقليل الإنتاجية الزراعية بشكل ملحوظ. حيث تضعف نمو المحاصيل وتؤثر على جودة المحصول النهائي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب هذه الأعشاب في انتشار الآفات والأمراض، مما يزيد من تدهور المحاصيل ويقلل من العائد الزراعي. كما أن مكافحة الأعشاب الطفيلية تعتبر عملية مكلفة وصعبة، خاصة في ظل محدودية الموارد المالية والتقنية لدى المزارعين في جندوبة. 

 

من أبرز أنواع الأعشاب الطفيلية في جندوبة العاقول(cuscuta) وهو نبات طفيلي يتغذى على محاصيل زراعية متعددة مثل الطماطم والقرع والبطاطس. ينتشر بسرعة كبيرة ويمكنه تدمير الحقول الزراعية في فترة قصيرة. يعتمد هذا النبات على التطفل على النباتات الأخرى للحصول على الغذاء، مما يجعله خطراً كبيراً على الزراعة

     نبتة العاقولcuscuta صورة من الانترنيت

الهالوك (Orobanche )الذي يعتبر كذلك من أخطر الأعشاب الطفيلية، حيث يتطفل على جذور النباتات ويمتص العصارة النباتية، مما يضعف المحاصيل ويؤدي إلى تراجع إنتاجيتها. يؤثر الهالوك بشكل خاص على المحاصيل الحبوبية مثل القمح والشعير.

نبتة الهالوك Orobanche من الأنترنيت

اما الستريغا (Striga) فهو نوع آخر من الأعشاب الطفيلية التي تؤثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية. ينمو هذا النبات في المناطق الجافة

ويستهدف الحبوب والبقوليات، مما يؤدي إلى تدهور الإنتاجية ويزيد من صعوبة تحقيق الأمن الغذائي.

                       نبتة الستريغا Strigaصور من الأنترنيت

ويستهدف الحبوب والبقوليات، مما يؤدي إلى تدهور الإنتاجية ويزيد من صعوبة تحقيق الأمن الغذائي.

عدم وعي المزارعين بطرق التعرف على الأعشاب الطفيلية ومكافحتها يشكل تحدياً كبيراً. غالباً ما يتم التعرف على المشكلة بعد أن تكون الأعشاب قد انتشرت بشكل كبير، مما يزيد من صعوبة السيطرة عليها كما أن التغيرات المناخية تزيد من انتشارها  حيث توفر الظروف البيئية الملائمة لنموها وتكاثرها. ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار يؤدي إلى ضعف المحاصيل الزراعية وزيادة تأثير الأعشاب الطفيلية عليها.

نقص الأسمدة والأدوية: خطر يهدد الزراعات السقوية في ولاية جندوبة

تعتمد الزراعات السقوية بشكل كبير على توفر الأسمدة والمبيدات الحشرية لضمان الإنتاجية العالية والجودة المطلوبة للمحاصيل. في ولاية جندوبة، يعاني المزارعون من نقص حاد في هذه المواد الضرورية، مما يشكل تهديداً كبيراً لقطاع الزراعة مما  يؤدي إلى تدهور جودة التربة و يجعلها أقل قدرة على توفير العناصر الغذائية الأساسية للنباتات والذي يؤدي بدوره  إلى ضعف نمو المحاصيل وانخفاض الإنتاجية.

في محاولة لتعويض نقص الأسمدة والأدوية، قد يلجأ المزارعون إلى شراء هذه المواد من السوق السوداء بأسعار مرتفعة. هذا يزيد من تكاليف الإنتاج ويقلل من هامش الربح للمزارعين تشجيع 

استخدام الأسمدة العضوية والمبيدات الحيوية يمكن أن يكون بديلاً مستداماً للأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية التقليدية. هذا يتطلب تقديم التدريب والإرشاد للمزارعين حول كيفية استخدام هذه المواد بفعالية.

تضرر الزراعات السقوية في ولاية جندوبة يمثل تحدياً كبيراً يتطلب استجابة شاملة ومنسقة من جميع الأطراف المعنية حسب محمد (ن) وهو من الفلاحين الصغار كما أن  تحسين إدارة الموارد المائية، ودعم المزارعين، ومكافحة التلوث، وتنويع الاقتصاد، كلها خطوات ضرورية للتخفيف من تأثيرات هذه الأزمة. بتضافر الجهود، يمكن لجندوبة أن تتجاوز هذه التحديات وتحقق نمواً اقتصادياً واجتماعياً مستداماً.

 

عمل صحفي :منال حرزي

Articles en relation