Aller au contenu principal

فلاحة تتأرجح بين محدودية الموارد و ضعف الحلول

تمتد مساحة الأراضي القابلة للاستغلال الفلاحي في معتمدية غمراسن على قرابة 65 ألف هكتار منهم 10 ألاف هكتار صالحة للزراعة و 15 ألف هكتار خاصة بالمراعي، ويمتد المسار الفلاحي في النظام المروي علي 1000هكتار بين مناطق سقوية ككحيل و القرضاب وغيرها إضافة للنظام البعلي وهو أصل الفلاحة في المنطقة ككل. لكن برغم هذا الموروث الكبير في الممارسات الزراعية في المنطقة إلا أن العاملين فيها يشكون عديد النقائص.

فما هي الصعوبات التي تواجه الفلاحين؟ و أي جهود للبلدية و بقية الهياكل إزاء ذلك؟و هل من مقترحات أو حلول ممكنة.

 

في الفرش و القرضاب إنتاج فلاحي نوعي و صعوبات كثيرة

بلدية غمراسن حالها حال عدد من البلديات التونسية،اثر صدور مجلة الجماعات المحلية في العام 2018، توسعت على جملة من المناطق الريفية كالقرضاب و الفرش وغيرها.

مناطق ريفية النشاط فيها يقتصر على ذاك الفلاحي المنقسم  بين السقوي و البعلي، ميزتها أنها تختص في الغراسات والأشجار المثمرة والخضروات الشتوية الورقية، فالفلاحة في الفرش مثلا خصوصيتها في واحتها،فهي التي مكنت فلاحة المكان من التخصص في الزراعات الصغرى الملائمة لطقس الواحة.

 اتفق بعض من فلاحي القرضاب و الفرش ، منهم السيد مصباح العمراني و عبد الوهاب بالسنون و الحسين العوني و غيرهم على أن قلة التزود بالمياه و شح الموارد وغياب تأطير الإدارة و انعدام العلاقة مع البلدية، كلها عوامل تؤثر سلبا في النشاط الفلاحي و تعيق عملهم و تؤثر على مردودية الإنتاج.

حيث أكد الفلاحون أنه بالرغم من تعطشهم للعمل في هذا المجال إلا أن المعيقات تحف عملهم من كل جانب و لا تشجعهم على مواصلة العمل والاستثمار فيه، حيث اقتصر النشاط على الفلاحة العائلية.

 

إشكالات ما فتئت تنمو و تتغير بحسب ظرفية زمنية متطلباتها ترهق و تثقل كاهل فلاح متأرجح بين الغلاء المشط في أسعار الأسمدة و الأدوية المستعملة لحماية الزراعات من جهة ومصاريف اقتناء التجهيزات المتخصصة المواكبة للتطور التكنولوجي والتقني من جهة أخرى، إلى جانب ما يتكبده من عناء التنقل من غابته إلى الأسواق الأسبوعية المحلية بوسائل نقل خاصة مهترئة في أغلب الأحيان. 

أما الظرفية المكانية  فصورة الحال فيها سوق أسبوعية تتداخل فيها الأمكنة المخصصة للتجار و الفلاحين فيغيب النظام و يحضر عدم تكافئ فرص الربح  ما جعل الأجيال الجديدة تهجر النشاط الفلاحي و تبحث عن بدائل في أماكن بعيدة.

https://flic.kr/p/2n4t79N

غير بعيد عن السوق الأسبوعي يوجد  آخر بلدي لا علاقة لنا به وازداد الأمر سوءا مع الأشغال التي انطلقت ثم توقفت و لا أحد يعلم متى تنتهي هكذا أجابنا صالح بالسنون فلاح من الفرش عندما سألناه عن علاقته بالسوق البلدي بمدينة غمراسن،أما عبد الحميد البوزيدي وهو الآخر فلاح  فطلب من البلدية التدخل العاجل لتهيئة مكان خاص لتجار السلع و آخر لبائعي الخضروات لأن عدم تخصيص أمكنة مهيئة يجعل السوق في حالة فوضى .

 

نقص المياه و صعوبة التزود بها و ملوحة بعض الآبار تمثل معظلة أساسية للفلاح و حتى ما يسمى مشروع "كحيل" لم يستجب لحاجيات الفلاح من المياه حيث يزودهم بالماء ليوم ثم ينقطع لعدة أيام، إضافة إلى قلة التواصل بينهم و بين الهياكل المعنية بحسب تعبيرهم.

https://youtu.be/X3KnU51CZT0

و بالرغم من كل هذه الصعوبات إلا أن الإنتاج الفلاحي  للمنطقتين  الفرش و القرضاب يسجل إقبالا جيدا من المستهلك المحلي ،باعتبار أن البعلي منه خال من استعمال الأسمدة و المبيدات و يعتمد على ممارسات بيئية ايكولوجية. 

في ذات السياق تجدر الإشارة انه في أواخر العام 2012 تمت المصادقة على كراس الشروط المتعلق بالانتفاع ببيان المصدر لمنتج "نعناع الفرش" تتمثل خصوصياته في أوراق وأزهار برائحة عطرية خاصة ومميزة و نسبة زيوت أساسية مستخلصة تترواح بين 1 و2.5%. .كما يتميز زيت نعناع الفرش باحتوائه على نسب تركيز عالية من عنصري الكارفون (40%) والليمونان (26.34%).

http://www.iort.gov.tn/WD120AWP/WD120Awp.exe/CTX_2376-32-FJaakmAWlY/AfficheJORT/SYNC_1305899330

مقترحات البلدية لإشكالات الفلاحين

مقابل تذمر الفلاحين من ظروف الإنتاج و التسويق تشير السيدة ألفة قديدي رئيس بلدية غمراسن إلى أن البلدية لها دور أساسي في تسهيل عمل الفلاح من خلال توفير الفضاء المهيأ له لعرض إنتاجه. وأشارت إلى انطلاق مشروع توسعة السوق البلدي بمدينة غمراسن منذ 03 أشهر ضمن برنامج التنمية المندمجة،  خصصت له اعتمادات مالية قدرت بحوالي 800 ألف دينار، وأضافت أنه حال انتهاء الأشغال سيتم تسليم السوق للفلاحين و استقطابهم إليه عبر إستراتيجية  واضحة المعالم على اعتبار أنه بهيئته القديمة لم يكن يلاقي القبول منهم بسبب بنيته المعمارية غير الملائمة. 

كما أوضحت رئيسة البلدية أن الإشكالات المتعلقة بظروف الإنتاج الفلاحي بمدينة غمراسن عديدة  منها خاصة ما يتعلق بالموارد المائية ونقص اليد العاملة المتخصصة وقلة إقبال أبناء العائلات المالكة للأراضي الفلاحية على ممارسة النشاط الفلاحي. 

في المقابل البرامج و الاجتهادات من قبل مختلف الأطراف المتدخلة في الشأن الفلاحي في المنطقة محدودة و بطيئة النسق. وليحدث التغيير و التطوير و حتى بناء ثقافة و عقلية جديدة تتعامل مع الفلاحة كقطاع حيوي و ذا قيمة مسألة تتطلب صبرا و جهدا جماعيا و اعتمادات مالية كبيرة.

لكن تبقى البلدية،باعتبارها سلطة محلية، حلقة الوصل بين الفلاح و بقية الإدارات المعنية كمندوبية  التنمية الفلاحية و الإدارة الجهوية للتجهيز وغيرهم، إذ يمكنها التنسيق بين كل الأطراف لتسهيل إيصال مشاغل الفلاح و التنسيق لإيجاد الحلول الممكنة له.

أيضا وبحسب رئيس البلدية مثلما التقصير مشترك بين الفلاح و البلدية، فالفلاح مازال يجهل دور البلدية في القطاع الفلاحي و دعت الفلاحين للاتصال بأعضاء المجلس البلدي الموجودين في مناطقهم لإيصال مشاغلهم و فهم تطلعاتهم و لما لا تنظيم لقاءات تجمع مختلف الفاعلين في القطاع الفلاحي للاستماع لمشاغلهم و دراستها ووضعها ضمن البرامج البلدية المستقبلية، مسؤولية التطوير أيضا مشتركة  بين كل الأطراف لتوفير الظروف المناسبة لعمل الفلاح و بالتالي ضمان مردودية  أكبر و انتاجية أفضل بجودة تنافسية قادرة على اكتساح الأسواق القريبة في الجهة و حتى السوق الوطنية .

https://youtu.be/EofBMHqJy3w

منطقة فلاحية بامتياز ينقصها التأطير و الدعم من البلدية و بقية الهياكل

السيد نبيل اليحياوي مهندس رئيس و رئيس دائرة الإنتاج النباتي بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بتطاوين أشار إلى تنوع المنتوج الفلاحي بمدينة غمراسن و أوضح أن النظام البعلي منه ممارساته بيئية ايكولوجية بامتياز، تعتمد على تهوئة التربة عبر الحراثة التقليدية  وتوارثت الأجيال طرق حفظ المياه و التربة ما يصطلح على تسميته باللهجة المحلية "الجسور"،و يستعمل الأسمدة العضوية وبالتالي لا مبيدات و لا أدوية كيميائية 

https://www.canva.com/design/DAE40dKiG0Y/bKeRCGQ0h3lXruNy2HGgqw/view?utm_content=DAE40dKiG0Y&utm_campaign=designshare&utm_medium=link&utm_source=publishsharelink

https://www.canva.com/design/DAE40rELD7o/U8iyriNIBtyt_jAjAe7UJg/view?utm_content=DAE40rELD7o&utm_campaign=designshare&utm_medium=link&utm_source=publishsharelink

بهذه الميزة، التي تنقصها فقط بعض الإجراءات الإدارية، يمكن أن يصبح الإنتاج الفلاحي بهذه المنطقة  مصنفا بيولوجيا و هذا امتياز لا يشمل غمراسن فقط بل القطاع البعلي في كامل ولاية تطاوين.

https://youtu.be/qD6YPsNpfdo

أضاف أيضا أن موقع تطاوين الجغرافي يمكنها من إنتاج بعض الغلال بصفة مبكرة جدا بالمقارنة مع بعض الولايات الأخرى بحكم  نوعية تربة المنطقة و مناخها و درجات الحرارة المرتفعة  و بالتالي اكتساح الأسواق المحلية و الجهوية و الوطنية . 

لكن يبقى الإنتاج بمواصفات جودة عالية رهين استقطاب مستثمرين  جدد القادرين على رفع  سقف الإنتاجية و المردودية  مع الحفاظ على الخصوصيات الفلاحية للمنطقة .وهو عمل يتطلب مخططا دقيقا تراهن فيه البلدية من جهة و المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية من جهة أخرى على الباعثين الشباب و تمكنهم من كل التسهيلات الضرورية سواء خلال العملية الزراعية أو التسويقية و الترويجية.

تجربة التعاضد الفلاحي  القائمة بالأساس على توحيد جهود الفلاحين و تجميعهم في هيكل يضمن حقوقهم و يعرف بهم، تجربة أثبتت نجاعتها في أكثر من منطقة فلاحية بالشمال التونسي و حتى في الولايات المجاورة لولاية تطاوين فلما لا الاستئناس بها و النسج على منوالها و تركيزها يتطلب فقط سياسة اتصالية و تواصلية ناجعة مع الفلاح لينخرط فيها  .

اليوم و في ظل مايشهده العالم من تغير و ما يشهده قطاع الفلاحة من تطور،بات ضروريا إعداد برامج و ميزانيات تهم المسالك الفلاحية المحلية، فتهيئتها و الاهتمام بها و تطويرها  سينعكس بالضرورة على قطاع السياحة البديلة و البيئية مما سيساهم في تنشيط المنطقة ككل.

الانتصاب العشوائي خارج الأسواق البلدية تأثيره كبير على الفلاح الملتزم بالعرض داخل السوق و هو ظاهرة تؤرق الفلاح في غمراسن وهنا يأتي دور البلدية الرئيس في مراقبة السوق  و تنظيمه عبر مصالحها في الشرطة البيئية و البلدية لضمان التزام الجميع بالقانون.

حاملي الشهائد العليا في مجال الخدمات الفلاحية والمختصين في بيع المستلزمات الفلاحية من أبناء الجهة الالتقاء بهم و الاستماع لأفكارهم و تسهيل تركيز نقاط بيع لهم يقوي التنافسية و يقرب الخدمات من الفلاح عمل مشترك تتحمله البلدية و مصالح وزارة التشغيل في الجهة و مندوبية الفلاحة و غيرهم من المؤسسات ذات العلاقة بالشأن الفلاحي المحلي.

يبقى الإنتاج الفلاحي بمنطقتي القرضاب و الفرش من بلدية غمراسن رهين عديد العوامل المتداخلة و يتجاوز أحيانا جهود البلدية ليشمل مختلف الفاعلين ذوي العلاقة بالمجال الفلاحي، فهل من تأطير أشمل للنهوض بالقطاع من قبل الدولة لرسم تحديات جديدة و تغيير المسار نحو الأفضل؟ 

 

 

Étiquettes

Articles en relation