Aller au contenu principal

بلدية تطاوين: نعم هي الأقدم لكن إشكالات التوسع السكاني فيها أكبر

 

قرن من الزمن مر على تأسيس بلدية تطاوين، العدد التقديري لسكانها في العام 2020 تجاوز 91300 بحسب إحصاء تقديري للمعهد الوطني للإحصاء في ذات السنة بنسبة نمو ديمغرافي قدر ب20% مقارنة بتعداد السكان للعام 2014، كما اتسعت المساحة البلدية لتتجاوز اليوم 2800 كم2 . فكيف أثر التوسع السكاني و شح الموارد البلدية على التهيئة العمرانية للمدينة؟ الإرث التاريخي و رهانات التوسع السكاني تعتبر ظاهرة التعمير وتنظيم المدن أولوية للجماعة المحلية، فمنذ الاستقلال وإلى غاية 1979، بذلت الدولة التونسية مجهودات هامة للعناية بالتهيئة الترابية والتجديد العمراني والسكن. سنة 1994، تم تجميع نصوص التعمير بصدور مجلة التهيئة الترابية والتعمير الصادرة بمقتضى القانون عدد 122 لسنة 1994 المؤرخ في 28 نوفمبر 1994 التي كرّست لا مركزية التعمير. 

مثال التهيئة العمرانية 1986 

بلدية تطاوين لم تكن بمنأى عما عاشته البلاد من تحولات، حيث عانت منذ تأسيسها من عدة إشكالات أهمها بطء الامتداد السكاني بالمنطقة البلدية، إذ لم يتجاوز عدد المساكن فيها في العام 1965 ال 887 مسكن بعض منها للنازحين من أطراف المدينة و بعضها للقادمين من مدن مجاورة . 

 

ثم في الفترة الممتدة بين الأعوام 1980 و 1984 وصل عدد المساكن بالمنطقة البلدية 4337 سبب ذلك تسمية تطاوين ولاية مع بداية الثمانينات بعد أن كانت لأكثر من ثلاث عقود معتمدية تابعة لولاية مدنين. يضم المجال الترابي لبلدية تطاوين اليوم مجموع 23 عمادة ،بزيادة 13 عمادة (يعمرها ما يزيد عن 30 ألف ساكن) منذ 2018 تاريخ إصدار مجلة الجماعات المحلية. 

أمام هذا الوضع الراهن المتأرجح بين ازدياد في عدد السكان من جهة وتوسع ترابي من الجهة الأخرى، أصبح تقريب الخدمات البلدية للمناطق البعيدة من الأولويات، خاصة وأنه من غير المعقول أن يتنقل المواطن مسافة 60 كم من "الزهراء" مثلا من أجل استخراج مضمون أو التمتع بخدمة بلدية يمكن أن تتوفر له في منطقته. تبعا لهذا الوضع قرر المجلس البلدي إحداث أربع دوائر بلدية واحدة بالمنطقة الشمالية للبلدية" حي المهرجان" و أخرى بالمنطقة الجنوبية "حي البر" وثالثة في خط القلعات الشرقية و الغربية و المزطورية و رابعة في خط الزهراء و السعادة بني بلال قطوفة و خاتمة . (بوبكر صويد تسجيل) 

 

أمام هذا التوسع السكاني لم يتم تحسين الإمكانيات البلدية و هي التي تعاني أصلا صعوبات مالية و بشرية هكذا حدثنا السيد رئيس البلدية بوبكر صويد. مضيفا أنه من الصعب مواجهة مواطن ينتظر خدمة يراها أولوية بالنسبة له و البلدية مطالبة بتلبيتها و لا وقت لديه لفهم التفاصيل . كما أكد رئيس البلدية أن قانون الجماعات المحلية يعتمد مقاربة فيها الكثير من التشاركية و تحمل المسؤولية وبه مطامح وآمال كبيرة و لكن تنفيذه يستدعي إعدادا لوجستيا و تقنيا و فنيا و بشريا و ماليا و حتى اتصاليا و تواصليا. البلدية بين التحديات الجديدة و عقلية المواطن بلدية تطاوين مثقلة بمصاريف التأجير و تعيش مخاضا صعبا بين الموجود و المنشود، بين مطالب المواطن اليومية و الحينية وإمكانياتها المحدودة، بين بحثها عن جمالية المدينة و احترام التقسيم الترابي و عقلية المواطن أحادية الجانب و التي لا تفكر سوى في مصلحتها و راحتها. فهناك بون شاسع علي سبيل الذكر لا الحصر بين ما يطالب به المواطن في خدمة النظافة مثلا،باعتبار ما يريده هو رفعها و البلدية ما تريده عامل يرفعها و ناقلة تنقلها و مكان مصب لها و طريق معبد يسمح بالوصول إلى المواطن من جهة و إيصال الفضلات إلى مكان إتلافها من جهة أخرى، العامل يحتاج وسائل وقاية و راتبا محترما و الناقلة تحتاج صيانة أو شراء و صيانة ووقودا والطريق يحتاج تخطيطا و ترقيما و تعبيدا و إنارة و الفضلات تحتاج حاوية و البلدية تحتاج موارد مالية لتوفير كل ذلك. يمكن القول إذن أن الخدمة البلدية المختصرة في عبارات نرددها كالتنوير و التعبيد و الترصيف و الاداءات و الترخيص و غيرها تخفي جهدا ليس باليسير و عملا مضن مقابل شح الموارد. 



بالرغم من أن بلدية تطاوين الشمالية هي الأقدم من حيث التأسيس، حيث كانت قبل مئة عام رقعة جغرافية صغيرة بمساحة غير محددة، تضم نزرا قليلا من المرافق والمكاتب الخاصة بفترة الاستعمار كرحبة السوق و مقر الكاهية و مكتب الأمور الأهلية و كنيسة و سجن و معسكر و جامع و مقابر ثلاثة يهودية و أروبية و إسلامية و جمارك و مستوصف و بعض قليل من المساكن. فان اليوم ترابها البلدي يمتد على مساحة بها 04 عمادات يفوق فيها عدد المساكن الألفين، و هي النزهة والتضامن و برورمت وواد الغار، و6 تتجاوز محلات السكن فيها الألف حسب تعداد سنة 2014 . 

امتداد عمراني يوازيه ارتفاع في البناء الفوضوي الذي من أسبابه نقص الوعي المواطني، أو ما يصطلح على تسميته بمدنية المواطن في تطاوين. بمعنى أن كثير من القاطنين في إحياء في مركز المدينة يعيشون بنمط البادية ولم يتخلوا على عادة تربية الماشية والحيوانات الأليفة كما يرفضون السكن في البناءات الجماعية و يرفضون تقسيم أراضيهم بحسب ما وجد في مثال التهيئة العمرانية من مقاسم. (تسجيل نجيب بوطالب) 

 

مما خلف إشكالا في الرصيد العقاري للبلدية ما جعلها تراجع مثالها العمراني بالتشاور مع المواطن ،مثال يسهل من خلاله التخطيط للطرقات و تهيئتها و أيضا يحترم التقسيم الترابي و يترك المجال اللازم لإحداث مؤسسات عمومية و إدارية ضرورية للحي و الأمثلة كثيرة في أحياء بلدية تطاوين التي لا يمكن فيها بناء مدرسة أو دار شباب أو غيرها بسبب عدم احترام المواطن لقواعد التقسيم المجالي و الترابي و غزت العقارات الخاصة كل مساحة الحي. 

مثال التهيئة العمرانية 2008 

لذلك تعمل البلدية بجد على مراجعة مثال تهيئة عمرانية يدرس بدقة التوسع و يراعي كل التحديات العقارية و العمرانية يكون جاهزا أواخر العام 2022 بحسب رئيس مجلسها البلدي. رهان آخر يهم قدرة البلدية على إنفاذ القانون و إجبار المواطن في حال مخالفته البناء إما توقيف الأشغال أو الإقرار بالهدم ،و هنا البلدية لازالت تعيش إشكالات و تأخيرا في تنفيذ بعض القرارات باعتبار أن الشرطة البلدية ترجع بالنظر لمؤسسة الأمن الوطني. علاوة على أن التفاوت في الكثافة السكانية مختلف على مستويين اثنين الأول بين المناطق البلدية القديمة ومناطق التوسع التي في أغلبها مناطق ريفية إذن الكثافة السكانية فيها أقل، و المستوى الثاني بين مناطق التوسع في حد ذاتها إذ بعضها فيه تجمع مهم من السكان و بعضها الآخر به بنايات متباعدة و عدد قليل من السكان. 

 

بلدية تطاوين في رحلة عمر المئة عام تتفاقم معها تحديات المكان و مطلبية السكان . بين هذا و ذاك هوة لا بأس بها، فهل المساحات التي لم تغزوها بعد بناءات المواطنين فيما ما تبقى من التراب البلدي الغير مبني قادرة على خلق سلوك عقاري جديد يرقى إلى طموحات المواطن و البلدية معا؟

Étiquettes

Articles en relation