يعتبر البناء الفوضوي مظهرا من المظاهر السلبية التي شهدتها عدة مدن في البلاد التونسية منذ سنة 2011، حيث بلغ عدد البناءات الفوضوية التي وقع تشييدها خلال العشرية الأخيرة 450 ألف مسكن في حين بلغ عدد الأحياء العشوائية في كامل تراب الجمهورية تقريبا 1350 حيا وقد عجزت البلديات عن إيقاف نزيف البناء العشوائي بسبب قلة الموارد البشرية والموارد المالية وذلك وفقا لتصريح إعلامي صادر عن الجامعة الوطنية للبلديات التونسية سنة 2022.

ولاية زغوان من بين الولايات التي شهدت تجاوزات على مستوى البناءات التي وقع تشييدها بعد ثورة 2011 ومن بينها تقسيم "ربانة " بمنطقة الروايقية التابعة لبلدية زغوان والتي تفتقر كغيرها من البلديات بولاية زغوان إلى مثال تهيئة عمرانية. ومن بين هذه التجاوزات التي تسببت في مشاكل لمتساكني تقسيم ربانة عدم إحترام مسافات التراجع بالنسبة للطريق وهو ما انجر عنه من إشكاليات ذات طابع أمني مثل حوادث الطرقات والكثافة المرورية وصعوبة الربط بالشبكات العمومية، وغياب مساحات خضراء فضلا عن الجانب الجمالي والعمراني للمنطقة .

 نداء استغاثة من متساكني تقسيم "ربانة "

رضا بن إسماعيل أحد متساكني تقسيم "ربانة " طالب مصالح بلدية زغوان بضرورة مراقبة المخالفين من المتساكنين الذين قاموا بتجاوزات على مستوى بناءاتهم حيث تعمد البعض منهم البناء دون رخصة والبعض الاخر لم يحترم المسافة المحددة للطريق .

من جانبه أكد عمارة التيمومي وهو من متساكني تقسيم "ربانة " أن عددا من القاطنين بالتجمع السكني قاموا بعدة اتصالات مباشرة أو عن طريق المراسلات الرسمية لبلدية زغوان منذ سنة 2018 لكن لم يتم التدخل وحل الإشكال إلى غاية السنة الجارية (2024).

وحسب الوثائق التي تحصلنا عليها من المواطنين، فإن مثال التهيئة العمرانية ينص على جملة من الشروط التي وجب إحترامها ومنها أن العرض الحقيقي للطريق ( شارع رئيسي ) حسب مثال التهيئة العمرانية لبلدية زغوان يساوي 15 مترا وهو ما لم يتم احترامه داخل تقسيم "ربانة " التابع لبلدية زغوان.

لجنة وطنية واحدة لكل البلديات في كامل تراب البلاد التونسية

 تقسيم " ربانة " ليس الوحيد بولاية زغوان وفي كامل تراب البلاد التونسية المصنف ضمن التجمعات الفوضوية >> وفق توضيح الكاتبة العامة لولاية زغوان كوثر بن علي بخصوص تشكيات متساكني تقسيم "ربانة " بمنطقة الروايقية التابعة لبلدية زغوان.

وأكدت بن علي أن أمثلة التهيئة العمرانية لم تتم مراجعتها منذ سنة 2010، مشيرة إلى أن بلدية زغوان أخذت بعين الاعتبار جملة هذه التشكيات والتي فتحت فيها محاضر وهي الآن بيد القضاء.

وقد أحدث والي زغوان محمد العش لجان قيادة محلية ولجنة قيادة جهوية للتسريع في إعداد أمثلة التهيئة العمرانية التي لها أهمية قصوى في الحد من البناء الفوضوي والتمدد العمراني غير المنظم على حساب الأراضي الفلاحية والمنظومة البيئية والإمتداد في مجاري الأودية الذي يمثل خطرا على المساكن والمتساكنين، لكن يبقى الإشكال في اللجنة الوطنية التي تتولى مهمة المعاينة والمصادقة على أمثلة التهيئة العمرانية باعتبارها اللجنة الوحيدة لكل البلديات على مستوى كامل البلاد التونسية وهو ما يتطلب فترة طويلة من الانتظار لإتمام جميع الإجراءات والمصادقة على أمثلة التهيئة العمرانية.

 ولاية زغوان ضمن 19 ولاية تحظى بمصادقة وزارة التجهيز على أمثلة تهيئة عمرانية

في المقابل، حظيت ولاية زغوان ضمن 19 ولاية بمصادقة وزارة التجهيز والإسكان على امثلة عمرانية في إطار عمل هذه الوزارة للتسريع في إنهاء دراسات إعداد أو مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية وتجاوز مختلف الإشكاليات التي عطلت المصادقة عليها، وذلك بالتنسيق مع البلديات ومختلف المتدخلين. فقد تم منذ صدور الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 وإلى غاية السنة الجارية (2024)، المصادقة على 60 مثال تهيئة عمرانية منها مثال التهيئة العمرانية ببلدية بئر مشارق من ولاية زغوان.

https://shorturl.at/3ZBzs

من جانبه أكد المدير الجهوي للتجهيز والإسكان بزغوان عارف الفخفاخ أن ولاية زغوان بصدد مراجعة وإعداد 9 أمثلة تهيئة عمرانية تتمثل في بلدية زغوان التي تضم 6 تجمعات تابعة لها وبلدية الفحص ب 14 تجمعا سكنيا مراجعة شاملة إلى جانب بلدية الزريبة وبلدية جبل الوسط وبلدية الناظور وبلدية بئر مشارقة وبلديتين محدثتين هما كل من بلدية صواف وبلدية العمايم .

تجربة نموذجية لبلدية بئر مشارقة

بلدية بئر مشارقة مثلت الاستثناء فهي البلدية الوحيدة بكامل ولاية زغوان التي نجحت في إتمام مثال التهيئة العمرانية، وحسب السيد موسى خزري تقني أول مكلف بالهندسة المدنية ببلدية بئر مشارقة، فقد شملت دراسة التوسع مساحة 115 هكتارا أي من 373 هكتار إلى 488 هكتارا تم من خلالها إدراج تقاسيم مهيأة ضمن المثال وتوفير مساحات للتوسع السكني والصناعي بمنطقة بئر مشارقة محطة.

 ( صور لوثائق إعداد مثال التهيئة العمرانية ببلدية بئرمشارقة  ) 

 إشكاليات تعيق تنفيذ قرارات الحد من البناء الفوضوي

رغم أن وزارة الداخلية تضطلع عن طريق الضابطة العدلية من أعوان الحرس ووحدات الشرطة البلدية ووحدات الحرس البلدي بدوا رقابي هام في المجال العمراني عبر المعاينات الميدانية للبناءات وإستدعاء المخالفين وتحرير محاضر المعاينة وتوجيهها إلى رؤساء البلديات لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، فإن عديد الإشكاليات تعيق تنفيذ قرارات الحد من البناء الفوضوي.

وحسب تصريح إعلامي صادر عن وزير الداخلية الأسبق هشام الفوراتي في مقال صحفي نشر بتاريخ 19 فيفري 2020 في ( ألترا تونس ) ، فإن أهم الإشكاليات التي تحول دون تنفيذ قرارات الحد من تفاقم ظاهرة البناء الفوضوي، هو عدم تلائم القرارات المتخذة مع محاضر المعاينة المحالة أحيانا.

فمن جملة 8900 محضر معاينة تم تحريرها سنة 2019 من قبل وحدات الشرطة البلدية لم يتم اتخاذ سوى 5102 قرار بلدي في شأنها أي بنسبة 57،32 بالمائة. إلى جانب محدودية الإمكانيات المادية والبشرية لدى عديد البلديات مما يترتب عنه إرجاء تنفيذ القرارات.

حنان  عباسي